top of page

بناء الثقة مع الأطباء في عيادات التجميل: مبادئ واستراتيجيات للمروّجين الطبيين

مقدمة


تُعد الثقة بين المروّج الطبي وطبيب التجميل حجر الأساس لنجاح عمل المروّج داخل العيادة. فالمروّج الذي يعمل من داخل عيادة التجميل (في ركن مخصص) يشارك بصورة يومية في البيئة العلاجية، ويؤثر تعامله وثقة الطبيب به على توصيات الطبيب للمنتجات وعلى نجاح خطط المبيعات. أظهرت استطلاعات حديثة أن نسبة كبيرة من الأطباء (حوالي 61%) يرون أن تفاعلهم مع مندوبي الشركات قد يهدد ثقة المرضى في المنظومة الطبية؛ لذا فإن على المروّج الطبي أن يثبت نفسه كشريك مهني موثوق وليس مجرد بائع. في هذا المقال نستعرض أهمية كسب ثقة الطبيب ودور ذلك في نجاح المروّج، ثم نناقش 6 – 8 مبادئ عملية لتعزيز هذه الثقة. تشمل هذه المبادئ: الاحترام المهني، والمعرفة العلمية الدقيقة بالمنتجات، ودعم الطبيب بالمعلومات والأدلة، والالتزام بأخلاقيات العمل، والشفافية، والتواصل المستمر الفعال دون إزعاج الطبيب. سنقدم أيضًا أمثلة تطبيقية من واقع العيادات، ونختتم بنصائح مختصرة في صيغة "افعل ولا تفعل" لترسيخ المفاهيم.


ree

1. الاحترام المهني للطبيب

يبدأ بناء الثقة باحترام مكانة الطبيب وخبرته المهنية. يجب على المروّج أن يُظهر الاحترام المهني في كل تعاملاته، سواء عبر التحية اللائقة والتعامل اللبق، أو عبر مراعاة وقت الطبيب وظروف عمله. احترام الدور الطبي يعني إدراك أن الطبيب صاحب القرار العلاجي؛ مهمة المروّج هي الدعم والمساعدة وليست التدخل في القرارات الإكلينيكية. تؤكد إرشادات الجمعية الطبية الأمريكية (AMA) على ضرورة ألا يتجاوز ممثلو الشركات الطبية حدود تدريبهم أو يمارسوا دور الطبيب ، مما يعني أن على المروّج الالتزام بحدود دوره كمصدر معلومات ودعم فني. فعلى سبيل المثال، إذا كان المروّج متواجدًا في العيادة لشرح استخدام جهاز تجميلي، فعليه تقديم المعلومة الفنية وترك القرار والإجراء الطبي للطبيب. كذلك، احترام خصوصية المرضى وسرية المعلومات أمر جوهري؛ لا ينبغي للمروّج الاطلاع على معلومات المراجعين إلا بالقدر الضروري وبعد موافقة الطبيب، التزامًا بسياسات العيادة وأخلاقيات المهنة. عندما يلمس الطبيب أن المروّج يحترم دوره المهني ويحمي خصوصية مرضاه، فإن ثقته به تزداد بلا شك.

مثال تطبيقي: في إحدى الزيارات، انتظر مروّج تجميلي حتى فرغ الطبيب من معاينة مريض قبل أن يطرح عليه سؤالًا حول منتج جديد. هذا التصرف البسيط عكس احترامًا لوقت الطبيب وخصوصية المريض، مما جعل الطبيب أكثر استعدادًا للإصغاء للمعلومات التي سيقدمها المروّج لاحقًا. وفي موقف آخر، امتنع مروّج عن الإجابة عن استشارة طبية للمريض ووجّه السؤال للطبيب مباشرة، ملتزمًا بدوره كمروّج وليس كطبيب. هذه المواقف تعزز صورة المروّج كمحترف جدير بالثقة في نظر الطبيب.

2. المعرفة الدقيقة بالمنتجات والمجال

لا شيء يبني الثقة أسرع من إتقان المعرفة. على المروّج الطبي أن يكون خبيرًا بمنتجاته وبالمجال التجميلي عمومًا، بحيث يستطيع الإجابة عن أسئلة الأطباء بدقة وثقة. يتوقع الطبيب أن يزوّده المروّج بمعلومات تتجاوز الكتيبات الدعائية، كالآلية العلمية لعمل المنتج، ونتائج الدراسات السريرية، وآثار الاستخدام وموانعه. أظهرت الأبحاث أن الأطباء يقدّرون كثيرًا المندوبين الذين يمتلكون معرفة علمية عميقة بالمنتج ويقدمون معلومات موضوعية غير منحازة. في دراسة شملت أطباء أسرة، كانت أهم الصفات في نظرهم للمندوب الناجح: إظهار معرفة جيدة بالمنتج، وتقديم معلومات موضوعية دقيقة، وإجراء زيارات موجزة ومركزة على المهم. المعرفة الدقيقة تشمل أيضًا فهم احتياجات طبيب التجميل المحددة؛ فمثلاً إذا كان الطبيب متخصصًا في حقن البوتوكس فعلى المروّج الإلمام بأحدث الدراسات حول منتجات البوتوكس وتقنياتها.

مثال تطبيقي: سأل طبيب جلدية المروّج عن الفرق بين منتجين للعناية بالبشرة يحتويان على حمض الهيالورونيك بتركيزات مختلفة. كان المروّج مستعدًا بشرح علمي مبسّط عن اختلاف أحجام جزيئات الحمض وتأثيرها على الامتصاص وترطيب البشرة، مستشهدًا بنتائج دراسة حديثة حول فعالية كل منهما. هذا المستوى من المعرفة عزز ثقة الطبيب في توصيات المروّج، بل ودفعه لاستشارة المروّج في مرات لاحقة حول مستحضرات أخرى. في المقابل، المروّج غير الملم بتفاصيل المنتج سيفقد ثقة الطبيب سريعًا وقد يتجنب الطبيب محاورته في المستقبل.

3. دعم الطبيب بالمعلومات العلمية والمواد التثقيفية

يلعب المروّج الطبي دور الشريك العلمي للطبيب بتوفير المعلومات والأدلة التي تسهل عمل الطبيب وتثري معرفته. دعم الطبيب بالمعلومات يشمل تزويده بأحدث الأبحاث السريرية، والنشرات العلمية، والإرشادات المعتمدة المتعلقة بالمنتجات التجميلية التي يروج لها. كما يتضمن توفير مواد تثقيفية يمكن للطبيب مشاركتها مع المرضى، مثل الكتيبات الإرشادية حول استخدام منتج معين أو منشورات توعوية عن التقنيات التجميلية الحديثة. هذا الدعم العلمي يبرز المروّج كشريك يهتم بنجاح الممارسة الطبية ورضا المرضى، وليس مجرد مسوّق تجاري. وقد أظهرت الدراسات أن أحد أهم أدوار مندوب الأدوية هو تثقيف الأطباء حول المنتجات الجديدة وإقناعهم بقيمتها المضافة ، بل ويجد الكثير من الأطباء زيارات المندوبين مفيدة لممارستهم ولمصلحة المرضى لأن المندوب يجلب المعلومات الجديدة سريعًا ويوفر على الطبيب الوقت. كذلك، يفضّل الأطباء أن يحصلوا من المروّجين على مواد يمكنهم استخدامها مع مرضاهم بدلًا من مجرد تكرار المعلومات الموجودة سلفًا. على سبيل المثال، ذكر أطباء أنهم يقدّرون إطلاعهم عبر المروّج على موارد رقمية يمكن مشاركتها مع المرضى (كطرق استخدام كريمات تجميلية معينة)، مما يجعل نصفهم أكثر ميلًا للبحث عن تلك الموارد بأنفسهم بعد أن يعرّفهم المروّج عليها.

مثال تطبيقي: قد يقوم المروّج بتجهيز ملخص مختصر لأبرز ما جاء في بحث علمي جديد حول تقنية عمل كريم حديثة لعلاج التصبغات، ويقدمه للطبيب مع نسخة من البحث الكامل عند طلبه. أيضًا، يمكن أن يزوّد المروّج الطبيب بمطويات تشرح بطريقة مبسطة فوائد منتج عناية بالبشرة ليقدمها الطبيب لمرضاه بعد الإجراءات التجميلية. في إحدى العيادات، ساعد المروّج في تنظيم ورشة تدريب صغيرة للممرضات على كيفية استخدام روتين علاجي بشكل آمن وفعال، مما خفف العبء على الطبيب وعزز الثقة بأن المروّج داعم لفريق العمل. هذه الجهود تجعل الطبيب ينظر إلى المروّج كمصدر دعم موثوق وغني بالمعلومات، وليس مجرد بائع يسعى لإتمام صفقة.

4. الالتزام بأخلاقيات العمل والنزاهة

الثقة تُكتسب بالنزاهة وتُفقَد بأبسط تصرّف غير أخلاقي. أخلاقيات العمل للمروّج الطبي في عيادة التجميل تعني الصدق والشفافية في التعامل، وتقديم مصلحة المرضى على المبيعات، والالتزام بقوانين وتنظيمات التسويق الطبي. بيّنت الأبحاث أن السلوك الأخلاقي والأمانة والمصداقية هي أهم ما ينظر إليه الأطباء عند تقييمهم لمندوبي الشركات . لذا، فإن التزام المروّج بميثاق شرف المهنة هو عماد بناء الثقة. يشمل ذلك تجنب أي وعود زائفة أو معلومات مضللة، وتجنب المبالغات حول فعالية المنتج. لا تعد بما لا تستطيع تحقيقه – فإذا وعدت الطبيب بالحصول على مرجع علمي أو ترتيب تدريب، فعليك الإيفاء به. أيضًا، يمثل تعارض المصالح خطرًا كبيرًا على الثقة؛ يجب الامتناع عن تقديم أي حوافز مادية مباشرة أو هدايا ثمينة للطبيب قد يُنظر إليها كرشى مقنّعة. ورغم أن بعض الأطباء لا يرون مشكلة في الهدايا البسيطة تحت قيمة معينة، إلا أن الحرص على الشفافية واجب. تذكّر أن سمعة المروّج ترتبط أيضًا بسمعة الشركة والمنتج؛ فأي تجاوز أخلاقي قد ينعكس سلبًا على ثقة الطبيب في كلا الطرفين.

مثال تطبيقي: لنفترض أن طبيبًا سأل المروّج عن إمكانية استخدام كريم تجميلي بطريقة غير معتمدة (off-label) للحصول على نتائج أسرع. هنا يأتي دور المروّج ذو الأخلاقيات؛ إذ يوضح للطبيب بشكل مهني أن الشركة توصي بالاستخدام وفق المعايير المعتمدة فقط حرصًا على سلامة المرضى، ويعرض تزويده ببيانات إضافية حول الاستخدام السليم. بهذا يكون المروّج قد اختار النزاهة على حساب إغراء تحقيق بيع سريع، ما يعزز احترام الطبيب له. وفي موقف آخر، واجه مروّج مشكلة في توريد منتج ما في الوقت المتفق عليه؛ بادر فورًا بإبلاغ الطبيب بشفافية عن التأخير والأسباب والإجراءات التصحيحية، بدل أن يترك الطبيب يكتشف الأمر بنفسه. هذه الشفافية في التعامل—حتى عند حدوث خطأ—تزيد من رصيد الثقة، لأن الطبيب يلمس مصداقية المروّج في السراء والضراء.

5. الشفافية والصراحة في تقديم المعلومات

الشفافية مع الطبيب والصراحة التامة في طرح مزايا وعيوب المنتجات تعززان المصداقية على المدى الطويل. على المروّج أن يقدم المعلومات بموضوعية، فيشير ليس فقط إلى منافع المنتج بل أيضًا إلى محدودياته أو آثاره الجانبية الشائعة وكيفية التعامل معها. لا تحاول “إخفاء” حقيقة معروفة لأن الطبيب سيكتشفها إما من مرضاه أو من مصادر أخرى، وحينها ستتضرر الثقة بشكل يصعب إصلاحه. يقدّر الأطباء المندوب الصادق الذي لا يُضللهم أو يغفل عن ذكر الحقائق المهمة. ومن الأمثلة العملية على الشفافية، أن يبادر المروّج بإخبار الطبيب: "هذا الكريم فعال في الحالات الخفيفة إلى المتوسطة من التجاعيد، لكنه قد لا يعطي نتيجة كافية في الحالات الشديدة جدًا" – مثل هذا التصريح الصادق يجعل الطبيب يثق أكثر بتوصيات المروّج، لأنه يدرك أنه يحصل على صورة متكاملة وليس مجرد دعاية إيجابية فقط. وإذا واجه المروّج سؤالًا لا يعرف إجابته الدقيقة، فعليه الاعتراف بذلك ووعد الطبيب بالبحث والتواصل لاحقًا بالإجابة المدعومة علميًا، بدل المجازفة بإجابة تخمينية. الشفافية أيضًا تعني الإفصاح عن أي انحياز تجاري بشكل مهني؛ فمثلاً إذا كان المنتج له بدائل منافسة قد يسأل عنها الطبيب، يمكن للمروّج أن يكون صريحًا في توضيح ما يميز منتجه دون الانتقاص غير الموضوعي من البدائل. هذه الصراحة تُظهر احترافية المروّج وتعزّز ثقة الطبيب بأنه يتلقى معلومة أمينة ومحايدة نسبيًا.

مثال تطبيقي: خلال عرض لأحد كريمات علاج البشرة، لم يكتفِ المروّج بذكر فوائد الكريم ، بل أوضح للطبيب أن هذا الكريم يناسب فئة محددة من المرضى (ذوي الترهلات البسيطة والمتوسطة) وقد لا يعطي نفس النتائج مع الترهل الشديد، واستشهد بدراسة تقارن نتائج الكريم على شرائح مرضى مختلفة. كما شرح آثار الجهاز الجانبية المحتملة مثل الاحمرار المؤقت، وطمأن الطبيب بذكر نسبة حدوثها كما وردت في الدراسات. هذا النهج الشفاف أكسب الطبيب قناعة بأن المروّج لا يسوّق لـ"عصا سحرية"، بل يقدم له معلومات واقعية تمكنه من اختيار ما يناسب مرضاه بوعي. في المقابل، المروّج الذي يدّعي أن منتجه "خالٍ من أي آثار جانبية ومناسب لجميع الحالات" يفقد مصداقيته سريعًا، وقد يمتنع الطبيب عن التعامل معه مستقبلاً لغياب الثقة.

6. التواصل المستمر الفعال بدون إزعاج

يتحقق بناء الثقة على المدى الطويل عبر التواصل المستمر والفعال مع الطبيب، ولكن بحذر وبدون إفراط يقود للإزعاج. الهدف هو أن تبقى حاضرًا لمساندة الطبيب والإجابة عن استفساراته وتزويده بكل جديد، دون أن تصبح ضيفًا ثقيل الظل يتمنى الطبيب لو يتفاداه. احترام وقت الطبيب وتنظيم الزيارات عنصران أساسيان هنا. بينت الأبحاث أن متوسط ما يخصصه الطبيب من الوقت لزيارة المندوب حوالي 11 دقيقة فقط، بمعدل 6 زيارات شهريًا للطبيب في الولايات المتحدة. هذا الوقت الثمين ينبغي استثماره بحكمة. للأسف يشتكي الأطباء أن المندوبين يهدرون أحيانًا هذا الوقت بتكرار معلومات يعرفها الطبيب مسبقًا في نحو نصف لقاءاتهم. لذا، عليك كمروّج أن تخطط لكل تواصل ليكون موجزًا ومركّزًا على ما يفيد الطبيب فعلاً. إحدى الدراسات وجدت أن الأطباء يُقيّمون بإيجابية بالغة المندوبين الذين يقومون بزيارات سريعة ومحددة الهدف بدل اللقاءات المطولة غير الضرورية. يمكنك تحقيق ذلك عبر جدولة مواعيد منتظمة (مثلاً اجتماع قصير مرة كل أسبوعين) بالتنسيق مع الطبيب أو مساعديه، مع إرسال رسالة تذكير مسبقة بالموعد وما سيتم مناقشته. أثناء اللقاء، قدم الجديد فقط: مثال ذلك إطلاع الطبيب على دراسة حديثة أو رد على سؤال سابق أو مادة مفيدة للمرضى، ثم اختتم اللقاء وشكره على وقته. إذا لم يكن لديك جديد ذو قيمة، فأجِّل الزيارة بدل المجاملة التي تضيع وقت الطبيب. كما أن استخدام وسائل الاتصال البديلة بحكمة يزيد من فعالية التواصل؛ فبعض الاستفسارات يمكن معالجتها عبر البريد الإلكتروني أو الرسائل النصية دون الحاجة لزيارة مطولة. أطباء كثر يفضلون التواصل عن بعد للاستفسارات غير العاجلة بمهلة رد تصل إلى 24 ساعة، مما يتيح للطبيب الحصول على المعلومة عند الحاجة بدون مقاطعة لعيادته. المفتاح هو الموازنة: كن متواجدًا باستمرار كداعم متى ما احتاجك الطبيب، لكن أيضًا كن قادرًا على الابتعاد خطوة للوراء حتى لا يشعر الطبيب أنك تراقبه في كل لحظة أو تحاصره بالمعلومات. هذا التوازن الدقيق في التواصل يولّد شعورًا بالراحة والثقة لدى الطبيب بأنك حاضر عند الحاجة وغائب عند اللزوم.

مثال تطبيقي: اتفق أحد المروّجين مع طبيبة تجميل على زيارتها مرة أسبوعيًا في صباح يوم محدد لمدة 10 دقائق قبل بدء مواعيد المرضى. خلال هذه الزيارة السريعة، يستعرض المروّج أحدث المستجدات: مادة علمية جديدة أو الإجابة عن سؤال كانت الطبيبة قد طرحته سابقًا، ويسلمها ما وعد بإحضاره (مثلاً عيّنات أو بروشورات). بقية الأسبوع يتواصل معها عبر رسالة نصية عند الضرورة للإجابة عن أي استفسار طارئ. هذه الآلية المنتظمة والمختصرة جعلت الطبيبة ترحب بزيارات المروّج وتجد فيها قيمة مضافة، لأنها لا تشعر بأي إزعاج أو تعطيل لسير عملها. في المقابل، مروّج آخر كان يظهر فجأة بلا موعد ثلاث مرات في الأسبوع ويمكث طويلاً في كل مرة للتذكير بنفس المعلومات التسويقية؛ هذا السلوك أدى بالطبيب إلى توجيه موظفي الاستقبال للاعتذار منه بحجة الانشغال، في إشارة واضحة لفقدان الثقة والرغبة في تقليل التعامل.

7. الموثوقية والوفاء بالوعود

الثقة لا تكتمل إلا بمرور الوقت ومع التجارب المتكررة التي يثبت فيها المروّج أنه شخص موثوق يفي بوعوده. الموثوقية تتجلى في أبسط التصرفات؛ فإذا قطع المروّج على نفسه وعدًا – مهما كان صغيرًا – ينبغي أن ينجزه في الوقت المتفق عليه. عندما يطلب الطبيب معلومة إضافية أو بحثًا معينًا ويعده المروّج بإرساله لاحقًا، فإن التزام المروّج بإيصال تلك المعلومة في الموعد المتفق يعزز صورة المروّج كشخص يمكن الاعتماد عليه. والعكس صحيح: عدم المتابعة أو التأخر المستمر في تلبية الطلبات يقوّض الثقة سريعًا. يقيّم الأطباء مندوب الشركات ليس فقط بناءً على ما يعرفه أو كيف يتواصل، بل أيضًا بناءً على مدى موثوقيته وتحمله للمسؤولية. وتشمل الموثوقية أيضًا الاستمرارية والثبات في الأداء؛ فوجود نفس المروّج لفترة طويلة وبناء علاقة شخصية إيجابية مع مرور الوقت يخلق نوعًا من الألفة والاعتمادية. وعلى المروّج أيضًا أن يكون صادقًا في الاعتراف بأخطائه وتصحيحها بسرعة. فالثقة قد تُبنى سنوات وتُفقد في لحظة إذا اكتشف الطبيب أن المروّج أخفى عنه مشكلة أو تهرب من مسؤولية خطأ ما.

مثال تطبيقي: في إحدى المرات، نفد لدى الطبيب مخزون منتج معين يستخدمه في العلاجات، فاتصل بالمروّج طلبًا للمساعدة المستعجلة. قام المروّج فورًا بالتنسيق مع إدارة المبيعات لتوفير كمية إضافية وتسليمها للعيادة في نفس اليوم، وأبلغ الطبيب بالوقت المتوقع للوصول وتابع معه حتى تأكّد من الاستلام. هذا التصرف أظهر للطبيب مدى حرص المروّج على الوفاء بالتزامه ودعمه عند الحاجة الطارئة، فازداد اعتماد الطبيب عليه. في موقف آخر، لاحظ الطبيب خطأً مطبعيًا في جرعة دواء مذكورة في مادة دعائية زوّده بها المروّج. اعترف المروّج بالخطأ بمجرد علمه، وقدم اعتذارًا صريحًا وسحب النسخ القديمة ووفر نسخًا مصححة خلال يومين. الطبيب قدّر شفافية المروّج ومبادرته لتصحيح الخطأ سريعًا، مما زاد ثقته بأن المروّج لن يتهرّب إذا حدثت مشاكل بل سيكون أهلًا للمسؤولية. هكذا تُبنى سمعة المروّج كشريك يعتمد عليه الطبيب ويثق بتعامله.

خلاصة

في الختام، يدرك المروّجون الطبيون الناجحون في مجال مستحضرات التجميل الطبية أن اكتساب ثقة طبيب التجميل عملية تراكمية تتطلب مزيجًا من المهنية العالية والاحترام والمعرفة العميقة والأخلاق الرفيعة. عند اتباع المبادئ المذكورة أعلاه وتطبيقها بشكل عملي في العيادة، تتكون صورة إيجابية للمروّج كمصدر موثوق للمعلومة وشريك يعتمد عليه الطبيب في تطوير خدماته الطبية. هذه الثقة المتبادلة تنعكس فوائدها على جميع الأطراف: فالطبيب يقدّم أفضل رعاية لمرضاه مستندًا إلى معلومات وأدوات موثوقة، والمروّج ينجح في مهمته عبر علاقة طويلة الأمد مع الطبيب مبنية على الاحترام والمصداقية.

وفيما يلي نصائح موجزة على هيئة افعل ولا تفعل لمراجعة أبرز الممارسات الصحيحة وتجنب السلوكيات الخاطئة في بناء الثقة مع الأطباء:

افعل:

  • التزم باحترام خصوصية الطبيب ومرضاه ووقتهم الثمين في العيادة.

  • كن مستعدًا دائمًا بالمعرفة العلمية الدقيقة والإجابات الواضحة عن منتجاتك. واصل التعلم وتحديث معلوماتك باستمرار.

  • قدم للطبيب معلومات مدعومة بالأبحاث ومواد تثقيفية مفيدة له ولمرضاه، وكن شريكًا في التعليم الطبي المستمر.

  • حافظ على النزاهة والأمانة في كل تعامل؛ كن صادقًا وشفافًا بشأن مزايا المنتج وعيوبه، واصدق الوعد إذا تعهّدت بشيء.

  • احرص على التواصل المنتظم والمنظم مع الطبيب؛ حدد مواعيد دورية وجيزة ذات أهداف واضحة، وكن مستجيبًا لاستفساراته خلال إطار زمني معقول.

لا تفعل:

  • لا تتصرف بتعالٍ أو تقلل من احترام خبرة الطبيب أو آراء فريقه الطبي، وتجنب التدخل في قراراته العلاجية.

  • لا تقدم معلومات مضللة أو مبالغات تسويقية؛ لا تقل عن منتجك ما لا تدعمه الأدلة العلمية.

  • لا تهمل أخلاقيات العمل عبر تقديم هدايا مبالغ فيها أو إغراءات غير مشروعة؛ فذلك يقوّض الثقة ويسيء لسمعتك المهنية.

  • لا تكن لحوحًا أو كثير التردد على الطبيب دون سبب وجيه؛ تجنب الزيارات المطولة أو المتكررة بلا جديد، ولا تتجاهل إشارات الطبيب بأنه مشغول.

  • لا تخلف وعودك أبدًا. إن وعدت بتوفير معلومة أو دعم معين، فلا تتأخر أو تتقاعس عن التنفيذ. المماطلة أو النسيان في هذا السياق يهدم جسور الثقة بسرعة.

باتباع هذه الإرشادات، يمكن للمروّج الطبي أن يرسخ علاقة قوية مبنية على الثقة والاحترام المتبادل مع أطباء عيادات التجميل، مما يحقق أهداف الطرفين في تقديم رعاية تجميلية ناجحة ورفع مستوى رضا العملاء. الثقة هي رصيد ثمين يحتاج إلى وقت وجهد لبنائه، لكنها تستحق كل استثمار لأنها مفتاح الشراكة المستدامة والنجاح المشترك.


اعداد

د.وسيم ماجد



المصادر: Harvard Business Review; الجمعية الطبية الأمريكية (AMA); أبحاث منشورة في PubMed ومجلات طبية؛ خبرات ميدانية موثقة. pmc.ncbi.nlm.nih.govclarivate.com

 
 
 

تعليقات


DSC_3676 copy.jpg

أهلا سعيد جداً بتوقفك هنا

سعيد جدا بمشاركة هذه المقالات معكم، فغاية أملي هو محاولة توصيل معلومة مفيدة لكم.

تستطيع التعرف عليا بشكل أكبر من خلال اللينك القادم.

ولا تنسى الاشتراك في جروب الفيس للرد على أي تساءل.

د.وسيم ماجد

Let the posts
come to you.

Thanks for submitting!

  • Facebook
  • LinkedIn
  • YouTube
  • Twitter

Contact

Thanks for submitting!

bottom of page